وأذکر أنّني دخلت مقهی بطرابلس الغرب، فحدّثت النادل ببعض الکلمات التي طالما نلوکها باللغة الأعجمیّة فأعرض عنّي منزعجاً، وکم من مرّة طأطأت رأسي خجلاً ومعلمي يردد: من لم یقرأ بلسانه العربيّ کتابین علی الأقل في أسبوع فهو جثّة هامدة بالقرن العشرین بل لولا تنفّسه لَجاز علیه التیمم.
نَرْمل هرولة نحو غذاء الجسد مُصَعّرین الطرف عن غذاء الفکر رغم أنّه مطیّة المنی والمرام.
تری الإفرنجيّ يمتطي (کادیلاکا) فیأخذ في تصفّح قراطیس من کتيّب أو مجلّة أو منشور یفیده من علی جوّاله بید أننا نتصفّح، أجل لکن بنکهة ترصد معایب الآخرین ولسان الحال: أتسخر من النقش أم الناقش؟؟!
إنَّ مبدأ الفکر ومبدأ الکلال هوّة بین غیبوبة من عمی ووعي من یقظة.
دنیا الحروف العربیّة عبق یحجب الغیوم السُود الکٸيبة فتجد السماء لوحة عذراء بلون مزهر إنَّها طلاٸع أصالتنا الحَقّة والمستحقّة.
حبذا لو نقلل من التبجّح العقیم ومن زغردة مقصّ الأشداق أقلّ کثيراً، ونکثر من التمعّن بحصافة عقل وفصاحة لسان في حرفنا أكثر قلیلاً.